الرقبي من أجل السلام
الرقبي من أجل السلام

إذا كانت الرياضة توحد الشعوب فكيف لها أن لا توحّد مدن البلاد الواحدة ، كان هذا دافع الكابتن مصطفى الحوتي عندما قرر تنظيم بطولة محلية يشارك فيها شباب مهجرون من تاورغاء و كانت اللحظة الفارقة في هذه البطولة عندما خاض شباب تاورغاء مباراة ضد لاعبين من أصول مصراتية اتسمت بروح رياضية عالية و رأى فيها كل من شاهدها بارقة أمل و خطوة نحو المصالحة و أضاف الحوتي أن ما حصل في المباراة دليل أن رغبته في أن يعم السلام بدأت تتحقق .
حين تتجول في شوارع بنغازي وتجد الشباب والأطفال يمارسون لعبة كرة القدم فهذا أمر اعتيادي ولكن أن تصادفك مباريات كرة الرقبي وتمارينها فالأمر بالتأكيد أكثر إثارة ، المبادرة ولدت بعد إصرار الحوتي الذي منعته إصابته في الكتف من المشاركة في بطولة للمنتخبات العربية بمصر بعد أن أخبره الطبيب بأن إصابة الرقبي يزداد خطرها في الكبر في حال استمر المصاب في ممارسة رياضته و هو ما دفعه للعمل على تأسيس قاعدة لهذه اللعبة في ليبيا و أن يكون لها نوادٍ وملاعب خاصة بها ،فضولي دفعني للذهاب لمقابلة الحوتي و بعض لاعبي الرقبي حتى أتعرف على أبرز الصعوبات التي تواجههم .
البدايات
طلب الكابتن مصطفى من أحد أصدقاءه و هو مدير لإحدى المدارس، أن يدخل هذه الرياضة ضمن النشاط الرياضي و بالفعل بدأت الحكاية بالاجتماع مع ذوي الطلبة لتعريفهم بهذه الرياضة الجديدة و التي ينظر لها البعض أنها عنيفة و خطيرة بعض الشيء و في الرابع من أبريل عام 2014 بدأت التمارين رسميا وسط إقبال ممتاز بحسب وصف الحوتي و بمشاركة عشرين لاعبا ليبلغ عددهم لاحقاً 130 رياضيا من كافة الفئات السنية ، هنا أحس الطاقم المشرف على الفريق أنهم اقتربوا من الوصول لهدفهم ، بحسب ما أخبرنا الحوتي .
مشروع رقبي 2018 كان هذا هو الإسم الذي أُطلق على هذا المشروع و الذي من أهدافه ، المشاركة في الألعاب الإفريقية عام 2018 واستضافة بـنْغازي البطولة العربية في نفس السنة ، أحلام مافتئت أن خمدت بعد اندلاع الحرب في بـنْغازي و الانقطاع عن التدريبات التي كانت تمارس في ملعب يقع داخل منطقة اشتباكات ليتحول إلى مشروع اجتماعي
تحت مسمى حرب الرقبي من أجل السلام و هي فكرة راودت الحوتي و نفذها بإقامة بطولة جمعت فريقا جديدا يتكون من شباب لاجئين في بـنْغازي تدربوا لشهرين للمنافسة و هي فكرة لقيت الاستحسان من المشرفين على هذه اللعبة .
لاعبون من المشروع
هذا المشروع كان حافزا لعدد من اللاعبين لاكتشاف ولعهم بهذه الرياضة و قدرتهم على البروز فيها و قد أخبرنا عبدالحق ضبيع أحد المسؤولين عن هذا المشروع عن تجربة محمد بوقرين الذي انتقل للعب خارج ليبيا ليصبح أصغر لاعب في دوري الدرجة الثانية التركي بعد انضمامه لنادي أرفاسيا ، تألق اللاعب ضمن له مكانة في فريق من الدرجة الأولى و هُوَ نادي أوتومنس الذي حقق معه الترتيب الثاني في الدوري التركي و بالتوازي مع هذه النجاحات تحصل محمد على رخصة لتحكيم مباريات السيدات و على منحة من إحدى الجامعات التركية على أن يلعب لفريقها ،وهو يستعد للمشاركة في معسكر تدريبي مع منتخب ليبيا في إطار تحضيراته للبطولة العربية التي تحتضنها مدينة مراكش المغربية.
مصطفى الكليلي ومحمد الأوجلي لاعبان من المشروع أيضاً لكل منهما قصته الخاصة فمحمد البالغ من العمر،17عاما، لم يتوقع أن يصبح من اللاعبين البارزين الذي سيشاركون في المعسكر التدريبي استعدادا للبطولة العربية بعد أن كان يتهكم من أخيه الأكبر الذي سبقه لساحات التدريب، أما مصطفى والذي سبق له أن مارس عددا من الرياضات وجد فيه المدربون موهبة كبيرة لما يملكه من سرعة ليصبح لاعب طرف يعتمد عليه في إستغلال سرعته لتسجيل الأهداف و هو أيضاً يرغب، كمحمد، في اجتياز المعسكر بنجاح للوصول للمنتخب.
تطمح هذه المجموعة من مدربين ومشرفين ولاعبين في تكوين منتخب جدير بالمشاركة في البطولة الإفريقية القادمة والتتويج بالبطولة العربية التي ستقام في بنغازي سنة 2018 وهي رسالة يعملون على تأديتها بكل تفانٍ و إخلاص.